خطوات مراقبة سلامة الأدوية
في مرحلة ما من حياتنا نحتاج جميعًا لتناول الأدوية كعلاج، إلا أن ردة فعل أجسامنا تجاه هذه الأدوية قد تختلف من شخص لأخر.
وعلى الرغم من أنه يتم اجراء العديد من الدراسات على الأدوية قبل الموافقة على تسويقها، إلا أن بعض آثارها الجانبية لا يمكن أن تظهر إلا بعد استخدامها على نطاق واسع في مرحلة ما بعد التسويق. ولهذا كان من الضروري وجود خطوات يتم اتباعها لمراقبة سلامة الأدوية واللقاحات فورأن تصبح متاحة بالأسواق وذلك بهدف حماية المرضى من الاثار الجانبية التي قد تحدث مع استخدامها.
تابع معنا قصة ليلى لتتعرف على ما يحدث في خطوات مراقبة سلامة الأدوية.
هذه ليلى...
تبلغ من العمر 55 عامًا وتعاني من مرض السكري من النوع الثاني. تشير نتائج التحاليل التي أجرتها مؤخرا إلى أن النظام الغذائي والأدوية التي كانت تتناولها لم تعد كافية لضبط مستوى السكر بالدم لديها في المستويات العلاجية المطلوبة.
عالِج
كل الأدوية من الممكن أن تسبب آثارا جانبية. وعلى الرغم من أن معظم هذه الآثار الجانبية تكون بسيطة، إلا أن بعضها قد يهدد حياة المريض أوقد يسبب الوفاة. وحيث أن تجنب المخاطر بشكل تام هو أمرا مستحيلا، فمن المهم التأكد من أن الفوائد العلاجية للدواء مازالت تفوق مخاطره المحتملة.
طبيبة ليلى وصفت لها دواء "لوجلوتين"، وهو دواء جديد تم طرحه للتو في الأسواق. وحصلت ليلى على الدواء من الصيدلية. حيث أطلعها الصيدلي على الآثار الجانبية المحتملة المعروفة له: الصداع، ألم العضلات والطفح جلدي.
بعد اسبوع من تناول الدواء بدأت ليلى تعاني من آلام في البطن وغثيان وبعدها ببضعة أيام أخرى لاحظت أن لون جلدها بدأ يتغير إلى اللون الأصفر. مما أثار تساؤلاتها إن كان الدواء الجديد له علاقة بظهور هذه الأعراض.
تعرّف
يمكن أن تحدث الآثار الجانبية لأسباب عديدة مثل الحساسية أو التفاعلات مع الأدوية الأخرى. لكن الآثار الجانبية النادرة قد لا تظهر حتى يتم استخدام الدواء لفترة من الوقت ويتناوله العديد من المرضى.
قامت الطبيبة بإجراء بعض تحاليل الدم لليلى، والتي أكدت ما اشتبهت فيه وهو أن ليلى أصيبت بالتهاب الكبد. تحققت الطبيبة من أن ليلى لا تتناول أي أدوية أخرى وطلبت المزيد من التحاليل والتي جاءت نتائجها لتؤكد عدم وجود أسباب أخرى محتملة لالتهاب الكبد لدى ليلى، وعليه نصحت ليلى بالتوقف عن تناول "لوجلوتين".
على مدار الأسبوعين التاليين، لم تعاني ليلى من أي آلام في البطن أو غثيان، وعاد لون جلدها إلى طبيعته. كما عادت وظائف الكبد إلى طبيعتها بشكل كبير.
أبلِغ
يستطيع أي شخص الإبلاغ عن الآثار الجانبية المشتبه بها للدواء. وتعد هذه التقارير مصدر هام للمعلومات لدى السلطات الصحية والعلماء حيث تمكنهم من التعرف على كل ما يستجد من الأمور المتعلقة بالسلامة الدوائية. يمكننا جميعًا المساهمة في استخدام الدواء بشكل أكثر آمانا للمرضى وذلك عن طريق الإبلاغ عن الآثار الجانبية المشتبه بها.
قامت طبيبة ليلى باستيفاء النموذج المخصص وذلك للإبلاغ عن الآثار الجانبية التي تعرضت لها ليلى، حيث أنها هي أيضا تشتبه أن دواء "لوجلوتين" قد يكون السبب فيها. التهاب الكبد لم يكن مدرجا كأثر جانبي معروف لهذا الدواء. قامت الطبيبة بإرسال التقرير إلى السلطة الصحية الوطنية.
جمّع
تقوم الدول بجمع تقاريرعن الآثار الجانبية المحتملة للأدوية وتخزينها في قاعدة البيانات الوطنية المخصصة لذلك. تستخدم العديد من الدول نظام الكتروني يسمى (VigiFlow) والذي تم تطويره بواسطة مركز أوبسالا لمراقبة الأدوية (UMC) وذلك لمساعدتهم على ادارة بياناتهم ومشاركتها مع الدول الأخرى.
تم إضافة التقرير إلى قاعدة البيانات الوطنية للآثار الجانبية المشتبه بها من الأدوية. ونظرًا لأن بلد ليلى عضو في برنامج منظمة الصحة العالمية للمراقبة الدولية للأدوية، فقد تم مشاركة تقريرها مع قاعدة البيانات العالمية لمنظمة الصحة العالمية والتي تسمى VigiBase.
تحتويVigiBase، و التي يديرها UMC، على أكثر من 30 مليون تقرير مقدم من الدول الأعضاء في برنامج منظمة الصحة العالمية للمراقبة الدولية للأدوية.
حلّــل
تتطلب تقارير الآثار الجانبية المشتبه بها من الأدوية مراجعة علمية دقيقة لتحديد الحالات ذات الصلة ومعرفة ما إذا كان هناك علاقة بين الدواء والأثر الجانبي المشتبه به.
قام الشخص المسؤول عن تقييم الحالة بمراجعة التقرير وتبين له وجود تقارير مشابهة فى قاعدة البيانات الوطنية وأيضا العالمية (VigiBase)، وقد وجد عدد قليل من الحالات التي سُجلت لديها أضرار خطيرة بالكبـد.
قامت السلطة الصحية الوطنية بالمزيد من تحليل للبيانات والذي أظهر أنه من المحتمل أن يكون دواء "لوجلوتين" قد تسبب في التهاب الكبد للمريضة ليلى.
اتخِذ إجراء
عند الكشف عن أي من الآثار الجانبية للأدوية، تقرر السلطة الصحية ما إذا كان يجب اتخاذ أى إجراء. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى إصدار تحذيرات السلامة، وإجراء تغييرات بالنشرة الداخلية للدواء بل وأحيانا قد يتم سحب الدواء من الأسواق.
في حالة ليلى، قررت السلطة الصحية أنه يتعين على الشركة المصنعة للدواء إجراء تغييرات على النشرة الداخلية لدواء "لوجلوتين". وذلك لإضافة التهاب الكبد الى بند "الآثار الغير مرغوب بها"، وإضافة المخاطر المحتملة للمشاكل الكبدية الخطيرة الى بند "التحذيرات".
تواصَل
اذا كان من المحتمل أن يتسبب الدواء في حدوث أثر جانبي خطير ونادر فيجب اخبار المرضى عن طريق تنبيه أعضاء الفريق الطبي بالمخاطر المصاحبة للأدوية فهذا يُساعد في تقليل الضرر على المرضى.
من المهم إبلاغ أعضاء الفريق الطبي بالتحديثات التي تطرأ على النشرة الداخلية للدواء وذلك عن طريق عدة سُبُل مثل إرسال خطاب توعية للأطباء الذين يصفون الدواء مع توفير معلومات إضافية على الموقع الإلكتروني الرسمي للسلطة الصحية. و من ثم تتمكن طبيبة ليلى من اخبارها بهذه التحديثات.
اِمنع الحدوث
تشير الدراسات أن حوالي 5% من حالات دخول المستشفيات هي بسبب حدوث آثار جانبية من الأدوية وأن قرابة نصف هذه الحالات يمكن تجنبه. لذا فإن توقُع حدوث الآثار الجانبية والتعامل معها بشكل استباقي هوالعامل الرئيسي للحد من حدوثها وتقليل هذا العبء.
إن الإبلاغ عن ما حدث في حالة ليلى قد ساهم في تعزيز المعلومات عن المخاطر المعروفة لدواء "لوجلوتين". إن الإبلاغ عن الآثار الجانبية للأدوية يساعد ليس فقط في اكتشاف الآثار الجانبية الغير معروفة لنا سابقاً بل أيضاً يساعد في توفير معلومات جديدة عن كيفية تقليل هذه المخاطر.
لقد قامت طبيبة ليلى بإستبدال الدواء بمستحضر أخر وهو "جلوكوتان" وهي حاليا لا تعاني من أي آثار جانبية.
وهكذا تستمر خطوات مراقبة سلامة الأدوية في شكل حلقة متصلة: إن رصد أي آثار
.جانبية والإبلاغ عنها يساهم في استخدام الدواء بشكل أكثر آمانا للمرضى في كل مكان